موسيقى الطبيعة الهادئة للاسترخاء مع أجمل المناظر الطبيعية في العالم
أرى الطبيعة الخضراء كأنّها العنوان الأول الذي يستيقظ الإنسان عليه عند صرخة ولادته الأولى، ثم تتوالى السنين ليلاحظ إبداع الرحمن في اللوحة التي خطها مستقرًا للبشرية تمتاز بدقتها وإبداع الله فيها، الكون كله منظم بعظمة من الله جل في علاه وكأن الطبيعة استمدت هيبتها وجمالها من جمال الله تعالى وعظمته، فيقف الإنسان أمامها مع كل مرة يرغب فيها بالتغيير فتتماوج الطبيعة مع النفس ليخلقان معًا إنسانًا جديدًا ولد من رحم الحياة، الشمس هي الصديقة الأولى للإنسان حيث لا يُبنى جسده إلا بأشعتها فتكون هي كنزه الأول الذي لا يفنى ولا ينعدم.
الطبيعة هي الأم الثانية لأي بشري مر على وجه هذه الأرض فهو يستقي من ريحانها إكسير الحياة الذي يتمكن به من مواصلة عيشه في هذه الدنيا الصعبة، كل شيء في الطبيعة مسخر لخدمة الإنسان وحده وكأنه هو رأس هرم الكون وقاعدته، ولا يمكن لذلك الرأس أن يعيش بعيدًا عن أحضان الطبيعة الدافئة الحنونة حيث ينسج كل واحد منهم قصة عشقه مع النجوم في الليالي الصيفية الهادئة ويتبادل مع القمر حكايته ليروي له الأخير ما مر عليه من أحوال الناس والشعوب، فيستقي من تلك القصص العبرة والحكمة، هذا هو الإنسان في علاقته مع الطبيعة.
ولو أراد أن ينهل من الماء العذب فإنه لن يجد حاضنًا له سوى تلك الأنهار الباردة التي تتدفق بمائها العذب الأزرق الرقراق الذي لو اجتمع أعظم رسامي هذا العالم ما استطاعوا أن يخطوا قطرة من ذاك النهر الصافي الذي يستمد الكون كله منه حياته وعيشه. عدا عن تلك الموسيقا التي يخطها النهر الصافي من تدفقه ليُسمع صوته تدفقه ومياهه لأشجار الكون والغابة كلها حتى يعلم الجميع عظمته وهيبته، إن كل المخلوقات التي خلقها الله تبارك وتعالى لتفنى دون أسباب الحياة التي سخرها الله سبحانه لهم، فهو وحده يعلم ما تحتاجه المخلوقات من الطبيعة لاستمرار هذه الحياة. ولو تأمل الإنسان في معادلة الحياة أكثر لوجد أن الطبيعة هي الحاضنة الأولى لمأكله ومشربه فهي تهديه الثمار خضراء يانعة وحمراء مشرقة وغيرها من الألوان التي تختلف بعضها عن بعض، والأشكال التي تتنوع مع أنها تُسقى بماء واحد ولكن هي حكمة الله تعالى وحده، فلا يستطيع الإنسان أن يكتفي بنوع واحد من المأكولات ولو فعل ذلك لرمى بنفسه إلى التهلكة. إن أي عاقل لا يمكنه نكران حقيقة أن الطبيعة بريعانها وأشجارها وخضرتها ومائها هي مصدر الحياة، ولو اختل جزء مهما صغر من تلك الطبيعة لكان الموت المحتم هو مصير مَخلوقات الكون كافة. ولو ضاقت بالإنسان نفسه وجالت عيناه على مظاهر النعم كافة لما وجد نفسه سوى أسيرًا للطبيعة يرتمي بين يديها وكأن لسان حاله يقول خلقت من التراب ولا أرى الراحة إلا بين يديه، فيحن الإنسان إلى طبيعته الأولى طبيعة الأرض والشمس الدافئة والمياه الرقراقة العذبة والحيوانات التي تتفاضل على بعضها بالبهاء والجمال وما جعله الله سببًا للفضيلة. إن الطبيعة هي الأم الرؤوم التي يفترش الإنسان ذراعيها فيرتمي بينهما معلنًا في تلك اللحظة ميلاده الأول، ميلاده الأول الذي تخلص فيه من الهموم والأحزان والآلام ليكون وحده سيد الموقف مع ربته الأولى، نعم هي الطبيعة ملجؤه من الأحزان والآلام. إن الإنسان لما تضيق نفسه وتحشرج في صدره روحه لا يجد ملجأ سوى الهواء الطلق فينتقل إلى البراري ليلمس هناك فقط النسيم العليل الذي يدخل إلى قلبه قبل أن يلج رئتيه، حيث تكون نفسه أحوج ما تكون في تلك اللحظات إلى الصمت والسكون، كل شيء فهذا الكون مسخر لما يحتاجه الإنسان على تعاقب الأزمان والدهور. فمذ عهد آدم نشأ الإنسان بين الأشجار والأنهار ولم يعرف الأبنية التي تحارب الطبيعة سوى منذ عهد حديث، إن الامتداد العمراني على حساب الأشجار والأطيار ليخلق موتًا مقدمًا عن وقته لكافة أطياف هذه الأرض. أن يحيا الإنسان سليمًا معافى يعني أن يهتم بأمه التي لو ماتت لتأثرت الأرض برمتها تلك التي لم تلده من رحمها بل ولدته من قلبها، هناك إذ يكون الإنسان مجردًا عن خبائث النفس بعيدًا عما هو مكروه من الطبائع والسجايا صافي النفس متصالحًا مع ذاته يعلم أنه مع الطبيعة لا يستطيع الكذب أبدًا. إنها لحظة الصدق مع الحياة ولحظة الصدق مع الذات لحظة المكاشفة التي يهرع الإنسان لها كي يستريح من عناء الأقنعة التي يجبر على ارتدائها حسب الأعمال التي يتوجب عليه القيام بها، إن الإنسان هو السر الأعظم في هذه الأرض ولا يشاطره ذلك السرّ سوى الطبيعة الحية التي يقتفي الإنسان معها سعادته.
الطبيعة هي روح هذا الكون متمثلة في الارياف بالاضافة الى السهولة والأودية الخضراء وغيرها.